Wednesday, April 29, 2015

المستشار المرشد يرد على مقال "الامتيازات.. مرة أخرى" .. لماذا القضاة؟!



 استغرب رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار فيصل المرشد من نظرة البعض لمزايا القضاة وعدم نظرتهم على سبيل المثال الى الاطباء والاطفائيين التي أقرت مؤخرا بالرغم من ان عدد القضاء يقارب 600 فقط !
واضاف المرشد في رده على مقال د. صلاح العتيقي الذي نشرته صحيفة “القبس” الذي تطرق لمزايا القضاة ان المجلس الاعلى للقضاء، تحت عنوان «الامتيازات.. مرة أخرى»، وتعرّض الكاتب للحكم الذي اصدرته دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة التمييز، بشأن انشاء صندوق للرعاية الصحية والاجتماعية ومكافأة نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي، وكذلك المزايا التي يحصل عليها القاضي اثناء عمله.
في البداية، نحب ان نوضح ان الاحكام التي اشار اليها هي احكام نهائية صادرة عن محكمة التمييز، وهي باتّة واجبة الاحترام، وتوافرت على قرينة حجية الامر المقضي التي تعلو على قواعد النظام العام، ولازم ذلك انه لا يجوز التعليق عليها بما يدخل الشك والريبة فيها وعدم احترامها والنيل من قدسيتها، وهو ما سيؤدي الى ان تُضحي الأحكام ليست عنوانا للحقيقة ويهدر قيمة الحق، والعدل الذي تقوم عليه المنظومة القضائية، ويُعد تدخلا سافرا في سير العدالة، وهو ما يتنافى مع نص المادة 163 من الدستور، على انه «لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء».
حراس العدالة .
إن القضاة هم حرّاس العدالة في البلاد، ومعالجة اوضاعهم المعيشية ومنحهم المزايا المادية والمعنوية يرتبط ارتباطا مباشرا بدعم العدالة واستقلال القضاء، وهذا ليس بالامر الغريب، وهو ما حرص الدستور على النص عليه بما جرت مادته 162 من ان شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم هو اساس الملك وضمان للحقوق والحريات، فهذا الشرف وتلك النزاهة يتعين احاطتهما بسياج لكافة رجال السلطة القضائية ورعايتهم وعدم تعريضهم واسرهم لشبهة اي حاجة، بل انه لا يجوز دفعهم الى المطالبة قضائيا بحقوقهم. وهذا الذي حرص عليه الدستور قد أكدته المبادئ الاساسية للامم المتحدة من انه «واجب على كل دولة عضو ان توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من اداء مهامها بطريقة سليمة»، وكذلك الميثاق الاوروبي المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة، على انه «من واجب الدولة تأمين الوسائل اللازمة للقضاة لإنجاز مهامهم على الوجه الصحيح»، فالتمويل الكافي هو احد المكونات الاساسية لاستقلال القضاء، والمجلس الاعلى للقضاء هو مناط استقلال القضاء ومظهر ذلك الاستقلال وضمانته وفقا لما جاء في المذكرة الايضاحية لقانون تنظيم القضاء، ويعمل على كفالة الحياة الكريمة للقضاة، كما هو متبع في سائر النظم القضائية المتقدمة. ومن منطلق علم المجلس ان العمل القضائي بطبيعته من الاعمال المضنية التي تُعرّ.ض القائمين بها للاصابة بالمرض نتيجة الجهد المتصل والارهاق الذهني الشديد، حتى اصبح المرض من المخاطر المألوفة لمهنة القضاء، ومن هنا كان حرصه على المطالبة بإنشاء صندوق للرعاية الصحية والاجتماعية لرجال .
القضاء وأسرهم حتى يطمئنوا على أنفسهم وأولادهم فينصرفوا لأداء رسالتهم السامية على اكمل وجه. هذا الى ان المعلوم ان القاضي وبحكم طبيعة عمله، يقحم في خصومات – لا ناقة له فيها ولا جمل – ويكسب عداوات بسبب أحكامه مما يضاعف من أعبائه النفسية، ويجعله في معاناة نفسية دائمة. وقد آثر شيخ الإسلام الإمام (أبو حنيفة) رحمه الله مضرة السجن على الاشتغال بالقضاء.
إن القول ان الحكم سيفتح بابا للمطالبة بهذه الميزات لكثير من الفئات مردود عليه ان مطالبة اي فئة بمزايا تم إقرارها لفئات أخرى هو حق لها، ولكنه مشروط بأن تكون مساوية لها في المركز القانوني إعمالا لمبدأ المساواة المنصوص عليه بالدستور، وقد ضرب كاتب المقال مثلا بالاخوة الأطباء الذين يعملون ساعات اضافية، بينما القضاة يعملون يومين فقط في الاسبوع وباقي الأيام في بيوتهم، وان الاطباء أفنوا حياتهم في الدراسة والبحث وبيدهم أرواح الناس، وقد فاته ان الاعمال الاضافية التي يقومون بها هي مقابل أجر، وان لهم فتح عيادات خاصة، فضلا على ان القاضي الذي يعمل يومين أو ثلاثة في الاسبوع بالمحكمة عليه ان يتفرغ باقي ايام الاسبوع لكتابة الاحكام التي تحتاج الى جهد ومثابرة. ولا يخفى عن الجميع أن القاضي طوال فترة عمله في دراسة وبحث.
فضلا عن ان اعضاء النيابة العامة يقومون بالعمل طوال أيام الاسبوع، وقد يمتد عملهم لساعات متأخرة من الليل، هذا الى ان القاضي محظور عليه ممارسة أي عمل غير عمله القضائي ويُسأل تأديبيا حال مخالفته ذلك عكس غيره من المهن الأخرى.
إن كاتب المقال قد اشار الى مبلغ على سبيل المثال وهو عشرة آلاف دينار كراتب للقاضي ثم كمعاش تقاعدي، ولا ندري ما سبب هذه المبالغة، فراتب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى راتب في القضاة لا يقارب هذا المبلغ.
وأخيرا هناك سؤال نود طرحه اولا وهو، لماذا القضاء ولماذا لم يقم الكاتب أو غيره بالتحفظ على المزايا المادية التي تم إقرارها للأطباء أو العسكريين والإطفائيين أخيرا – بارك الله لهم – خصوصا ان عدد القضاة وأعضاء النيابة العامة من الكويتيين لا يتجاوز 636 عضوا؟ وهل من المنطق والإنصاف عندما يشعر القضاة بالحاجة الى إنصافهم وكفالة العيش الكريم لهم اثناء عملهم وبعد تقاعدهم ان يتم نقدهم بهذه الصورة غير العادلة وغير المنصفة؟ .

No comments:

Post a Comment